الاثنين، 14 ديسمبر 2009

فقه الدعوة غلى الله تعالى [1]


فقه الدعوة إلى الله تعالى{1}: لشيخنا العيد شريفي ـ حفظه الله

إ

نّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيّئات أعمالنا؛ من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له ،وأشهد ان لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأشهد انّ محمدا عبده ورسوله.{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّمِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1َ{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً{70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فـَازَ فَوْزاً عَظِيماً{71}}[الأحزاب70-71]أما بعد:فإنّ أصـدق الحديث كتاب الله تعالى ،وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النّار .ـ عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال : {{ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال:[إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسـول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمـهم أن الله افترض عليهم خمس صلـوات[1] في كـل يـوم وليلة فإن هم أطاعوا لـذلك فأعلمهـم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخـذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعـوا لـذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعـوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجــاب]}}[أخرجه البخاري ومسلم وأبي داوود والترمذي وابن ماجـة،والامام أحمد والـدارمي ..] وجاء في بعض ألفاظه ، [أن يوحدوا الله] وفي رواية : [عن ابن أبي بردة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم جده أبا موسى ومعاذا إلى اليمن فقال يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا][متفقٌ عـليه ].وفي رواية:[إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله]وورد في بعض الروايات زيادة وهي منكرة كما بيّنه اهل العلم :[ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمنقال: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم تجد في كتاب الله قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله قال أجتهد رأيي ولا آلوفضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ][أ][ضعيف سنن أبي داوود][الفوائد المنتقاة من الحديث]قوله :[ إنّك ستأتي قومًا أهل كتاب]1/معرفة حال المدعوّين : وهو ما يسمى في عصرنا فقه الواقع،حتى يكون على بيّنة في كيفيّة التعامل معهم .ففرقٌ بين دعوة ملحد وبين دعوة رجل من أهل الكتاب ـ تختلف ـ قوله:[ فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسـول الله]وفي رواية[أن يوحدوا الله]2/ أوّل شيئٍ يدعوا الإنسان إليه ـ التوحيد ـ لا بد دائما وأبـدا الدعوة تكون على هذا الأصـل .3/فقه الأولويّات : [التوحيد ثم الصلاة ثم الزكاة وهكذا ..] وكلمة أولويات كلمة مطاطة لكن ما يهمّنا أن الحديث يركز على الاولويات الشرعيّة .4/ الصلاة تكون في المرتبة الثانية في الدعوة إلى الله تعالى.5/وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة .6/ الزكاة تكون بعد الصلاة، أخذها من الغني وردّها إلى الفقير[وأخذها يكون من الأمير ،أي بأمر ولي أمر المسلمين]7/لا ينتقل من أصلٍ إلى آخر إلاّ بعد قبول الأوّل.لقوله :[فإن هم أطاعوا لـذلك] فنحن نخاطب الكفار بالتوحيد ابتداءا ، فلا نخاطبهم بفروع الشريعة ،[وهذه مسألة خلافية في أصول الفقه] هُم في الآخرة مخاطبون بأصول الشريعة وفروعها{ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ{43} وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ{44} وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ لْخَائِضِينَ{45} وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ{46} حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ{47} فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ{48} }[المدثّر/43-48]،أما في الدنيا فنخاطبهم بالتوحيد أوّلاً.قوله:[واتّق دعـوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجــاب]8/ يفهم منه أنّ معاذا رضي الله عنه أرسِلَ قـاضيًا.9/وجوب العدل في القضاء وعاقبة الظلم .10/معية الله للمظلوم.قوله :[يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا]11/الدعوة باليسر لا بالعسر وبالتبشير لا بالتنفير.12/الدعوة إلى التطاوع :وهو النزول إلى رأي الغيرلمصلحة، بشرط عدم مخالفة الشرع،جمعًا للكلمة.-فهذا ما كان عليه النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ طيلة حياته،إهتمام كُلّي بالدعوة إلى الله ،أن يصدع بما يُـؤمر ،وأن يبلغ هذا الدين للنّاس كـافّة،ثم بعد ذلك قام خلفاؤه ـ رضي الله عنهم ـ بذلك حقّ القيام،وإن كان في زمن خلافة أبي بكـر رضي الله عنه شيئٌ من الاضطرابات ،فركز على استتباب الأمن ؛وجاء بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه فبدأت الفتوحات وتبقى هذه مسؤوليّة وُلاة الأمـورمناطة بهم لأن تبليغ الدعوة في جميع الأقطار ليس عملا فرديًّاـ فمسؤولية أهل العلم الفردية محدودة ـ لكن ولي أمر المسلمين مسؤوليته كبيرة وواسعة تسمح له بنشر الدعوة إلى الله ـوالأمر الثاني :
اختيار الدعاة :لابد من إرسال أهل العلم ،ليس من هب ودبّ،الذين تتوفر فيهم مواصفات علمية ،
مواصفات الداعية إلى الله:ـ أن يكون من أهل العلم والفقه في الدّين.فالعلم أساس هذا الدّين .ـ الإخلاص.ـ الصدق.ـ أن يكون رفيقا حكيما في دعوته.{فقولا له قولا ليّنا} .{{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ...}آل عمران159}ـ الصبر على الأذى:لابد للداعية إلى الله ان يصبر على الأذى، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلّم:{المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم} وقال تعالى لنبيه :{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ...}الأحقاف35 ومنهم نوح عليه السلام صبر على دعوة قومه وعهلى أذاهم { أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاما}العنكبوت14.* والدعوة إلى الله مصلحتها راجحة ، والقائم على الدعوة بين خيرين، إمّا أن يستجيب النّـاس لدعوته فيحصل له أجر كما قال عليه الصلاة والسلام{فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم . }[متفق عليه] والخير الثاني أن تؤذى في سبيل الله لأجل دعوتـك .ويفقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابدّ فيه اعتبار والنظر في المصلحة والمفسدة وترجيح ما هـو راجح.ـ أن يكـون عاملا بمـا يدعوا إليه .{... وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }[هود88]..هذا وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا انت أستغفرك واتوب إليك..ــــــــــــــــ[أ][بيان درجة الحديث]فهذه الرواية مُنكرة ،ولا يلتفت لقول من قال :[تلقّتها الأمة بالقبول!]،وكما سبق ان ذكرنا ؛أن تلقي الامة لحديث بالقبول لا يرفع الحديث من درجة الضعف إلى درجة الصحّة،لأن القواعد التي يُعتمد عليها معروفة عند أهل الصنعة الحديثيّة ، وهي النظر في أسانيدها ومتونها ..وإن سلّمنا تسليماً جدليًا لهذه القاعدة،فأيّ أمّة يعتمد عليها في القبول؟؟ أَأُمّة المحدّثين أم غيرهم ؟؟ فالواجب والحالُ هذه أن ننظر من تلقّاه بالقبول؟فإن كان من تلقّاه بالقبول هم أهل الحديث ، علمنا ان لهم معتمدٌ في إخراج الحديث من درجة الضعف إلى درجة الحُسن أو الصـحة ..وأما إذا عرفنا أنّ أمّة المحدثين تلقوه بالرفض فلا اعـتبار إلاّ بقولهم .أما عبارة الترمذي :[غريب ويُرى عليه العمل].فكلام الترمذيّ دقيق، بيّن حال الرواية وبيّن درجتها،قال:[وعليه العمل]..وما قال عليه العمل لصحته ،وهذا كما يقول اهل العلم :إذا أجمعت الامة على مسألة ما! وفيه حديث ضعيف يوافق الإجماع فالعمل بالإجماع لا بالحديث الضعيف.لأن أحاديث الأحكام اتفق أهل العلم على عدم العمل بالحديث الضعيف فيها[ووقع الخلاف في فضائل الأعمال] والقائلين بجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وضعوا شروطـا للعمل به ومنها:أن لا يعتقد صحته !ومنها ان يندرج تحت أصلٍ عـام وبيّنّا ذلك في دروس المصطلح.. ومثاله: حديث [الماء طهور إلا ما غلب على ريحه وطعمه][ضعيف] فكما قال الصنعاني رحمه الله العمل في ذلك بالإجماع لا بالحديث .ورحم الله شيخ الإسلام حين بيّن في مجموع الفتاوى ان الإجماع لا ينسخ النصوص[2] لماذا لأننا نجهل مستند الإجماع.لأن عملنا بالإجماع كعملنا بالحديث المتواتر ..أمّا إذا تعارض الإجماع مع نص صحيح فالاعتداد بالنص لا بالإجماع. كعدم اعتداد بعض أهل العلم [كشيخ الاسلام وتلميذه ابن القيّم] بالإجماع في زمن عمر رضي الله عنه على وقوع الطلاق بالثلاث ثلاثا ،خلاف ما ذهب إليه الجمهور في هذه المسألة ..لأنه خلاف نـص شرعيّ ثابتٍ ..ـ فنقول الآن : تلقي الأمة لحديث ضعيف بالقبول لا يصحح الحديث ..والحاصل أن الحديث حكم بضعفه طبيب الحديث الإمام البخاري رحمه الله .ـــــــــــــــ

[1]فيه دليل على أنّ صـلاة الـوتر ليست بواجبة!لأن إرساله لمعاذ رضي الله عنه كان في السنة التاسعة للهجرة أي قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم بعام !..[2]قال شيخ الإسلام في[ مجموع الفتاوى32/115]:{قول من يرى من هؤلاء أن الإجماع ينسخ النصوص كما يذكر ذلك عن عيسى ابن أبان وغيره وهو قول في غاية الفساد مضمونة أن الأمة يجوز لها تبديل دينها بعد نبيها وأن ذلك جائز لهم كما تقول النصارى أبيح لعلمائهم أن ينسخوا من شريعة المسيح ما يرونه وليس هذا من أقوال المسلمين وممن يظن الإجماع من يقول الإجماع دل على نص نسخ لم يبلغنا ولا حديث إجماع في خلاف هذه الآية وكل من عارض نصا بإجماع وأدعى نسخه من غير نص يعارض ذلك النص فإنه مخطئ في ذلك ...}اهـ .[انتهى الجزء الاوّل من فقه الدعوة إلى الله ]

{فـَرّغـَه وخرج الآيـات والأحـاديث: عمر بن مـحمد البومردا سي}

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق